الآخر الإنکلیزی فی مرایا الأنا الشرقیة المختلفة «کتاب «الجسد حقیبة سفر» لغادة السمان نموذجاً»

2018 
الأنا فی الأصل تبنی بالعلاقة مع العالم، والوعی بالذات یمر بالآخر، والشعور بالهویة یبرز فی مواجهته؛ فالأنا والآخر رکنان أساسیان فی علم الصورة، الذی یعنی بدراسة الصورة الثقافیة للآخر فی الآداب القومیة. إن غادة السمان روائیة وشاعرة ورحالة سوریة ألفت لحد الآن خمسة کتب فی أدب الرحلات، أولها "الجسد حقیبة سفر" وفیه تناولت الآخر الأوروبی وخصصت للإنسان الإنکلیزی النصیب الأوفر من حدیثها. والمنهج فی هذا المقال وصفی-تحلیلی، ونهتم علی نحو خاص بدراسة الآخر الإنکلیزی وثقافته من منظور صورولوجی، کی نفهم خصوصیة الأنا والآخر والأوهام والانحرافات الفکریة لکل منهما تجاه الآخر، ولکی نتجنب أخطارا کثیرة تهددنا وتهدد الجیل العربی والإسلامی الصاعد. ویستفاد من إشارات السمان المبعثرة أن الآخر البریطانی- رغم ما یتمتع به من الرقی المادی وتوافر الحریة والصدق والکرامة والثقافة والفن- یجابه الیوم واقعا مأساویا یتمثل فی أمور أهمها ضیاع الجیل الجدید الناشئ عن انهیار قیم العصر القدیم (حب، دین، أخلاق) وعدم إیجاد بدیل لها عندهم، وهناک أیضا تحکم الحیاة الآلیة، وعقدة العظمة والإمبراطوریة، الحائلة بین سیاسات الدولة والجیل الجدید هناک، والتزاید المستمر لهیمنة نمط الحیاة والثقافة الأمریکیة، وقد نتجت عن هذا کله ظواهر سلبیة کالشذوذ والإباحیة والعنف ورواج اللامبالاة والاستخفاف بالعمل واستهلاک البضائع الأجنبیة وبالتالی سقم الاقتصاد البریطانی وانهیار الصناعة. وتحاول السمان أن تلتزم الموضوعیة وأن تقدم صورة متحررة من سیطرة الإیحاءات السلبیة التاریخیة والنفور العربی العفوی من شعب الإمبراطوریة الاستعماریة، فتشید بتوافر الحریة والصدق والکرامة وسیادة الفن والثقافة فی بریطانیا، ولکن حجم التحولات والقضایا التی یعیشها کل مجتمع حجم کبیر ومتشعب لا یمکن لعمل فنی أن یحیط به أو یلتقطه التقاطا موضوعیا تاما؛ من ثم تکون علاقة الإبداع بالواقع أو المجتمع علاقة غیر مباشرة وأبعد ما تکون عن التطابق.
    • Correction
    • Source
    • Cite
    • Save
    • Machine Reading By IdeaReader
    0
    References
    0
    Citations
    NaN
    KQI
    []