ما الذي تضيفه مقاصد الشريعة المعاصرة إلى عمل المرأة؟ دراسة تحليلية في ضوء الخلفيات والمالآت الإجتماعية والإقتصادية (المحور الأول

تعتبر "العدالة الاجتماعية" من أهم الشعارات التي تسير المظاهرات الاجتماعية تحت ظلالها، وتدبج بها الثورات الشعبية مطالبها، ومن أقرب دلالات مفهوم "العدالة الاجتماعية" أنها تصور لنظام اجتماعي عادل تتوزع فيه الحقوق والثروة توزيعا عادلا بين أفراده وجماعاته ومكوناته ، ولما كانت المرأة تمثل شطر المجتمع أو تزيد كان مفهوم "العدالة الاجتماعية" من أهم المفاهيم والمصطلحات الحاضرة في نقاشات قضايا المرأة قديما وحديثا. ومناقشة قضية "عمل المرأة" تمتد إلى دائرة أوسع تتعلق بطبيعة الحياة الاجتماعية ونمط العلاقات الأسرية، وترتبط بشكل الأنظمة السياسية والاقتصادية وتصورها للمرأة ووظيفتها وموقعها من المجتمع، وكان لزاما على البحث الشرعي –باعتباره حامي فلسفة الأمة وكيانها- تناول القضية ضمن التصور الإسلامي الواسع للإنسان والمجتمع والأسرة. ويأتي هذا البحث ليقدم إسهاما معاصرا تأصيليا في هذا النقاش الشرعي في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية باعتبارها المرجعية التي تضبط مصالح التصرفات ومفاسدها بميزان أصول الشريعة وقواعدها الثابتة ، ومحاولا بذلك تفكيك الخلفيات الأيديولوجية التي تكتنف هذه القضية، وبحث الدوافع الاقتصادية والسياسية الكامنة وراءها، ثم متابعة المآلات التي تؤول إليها اجتماعيا واقتصاديا باستحضار واقع تجارب عالمية، للخروج بتصور أكثر شمولية واتزان في تحقيق مناط القضية في سياقها المقاصدي، الذي يضبط تصورها الفكري وأحكامها التكليفية الشرعية. فما هي الخلفيات الفكرية والدوافع الاقتصادية والسياسية التي تتعلق بقضية عمل المرأة؟ وما هي المآلات الاجتماعية والاقتصادية التي ترتبط بها؟ وما هو الإطار المقاصدي الشرعي الذي يضبطها؟ هذه إشكالات يحاول هذا البحث الإجابة عنها بمنهج تحليلي نقدي مقارن، محللا المفاهيم، ومستحضرا الإحصاءات، ومقارنا الأنظمة الفكرية والسياسية والاقتصادية العالمية المؤثرة في الموضوع، وناقدا لذلك جميعه بروح تحتكم إلى مقاصد الشريعة الإسلامية وحكمتها.